AlRaqaba 62
31 2021 . يناير 62 الرقابة . العـدد قبــل أن نشــرع في إجابــة هــذا الســؤال نــود طــرح ســؤالٍ آخــر، هـــل بإمكاننـــا تكييـــف الواقعـــة المتمثلـــة بوبـــاء كورونـــا بشـــكل مجــرد وبمعــزلٍ عــن الالتفــات إلــى تأثيــره علــى ســريان العقــود والتزامـــات أطرافـــه؟ . نــرى هنــا، أنــه مــن المتصــور أن نكــون في خِضّــم واقعــةٍ معينــة - وبــاء كورونــا في هــذه الحالــة - فيكــون تأثيرهــا علــى العقــود والتزامــات الأطــراف مختلفًــا باختــ ف طبيعــة العقــد وطبيعــة الالتزامــات المــراد تنفيذهــا. فعلـــى ســـبيل المثـــال، مـــن الممكـــن أن يكـــون تنفيـــذ بعـــض الالتزامـــات مســـتحيً اســـتحالةً مطلقـــةً أو جزئيـــةً لمـــدة مـــن الزمـــن في بعـــض العقـــود بينمـــا يكـــون تنفيـــذ الالتزامـــات في بعضهــا الآخــر مرهقًــا وليــس مســتحي ً. وعلــى ذلــك لــن يكــون التكييـــف مرتبطًـــا بالواقعـــة بحـــد ذاتهـــا فحســـب، بـــل بالتأثيـــر الـــذي توقعـــه علـــى الالتزامـــات العقديـــة. فلـــو كنـــا أمـــام واقعـــة مفاجـــأة تجعــل تنفيـــذ الالتـــزام في أحـــد العقـــود مســتحيً وفي الآخـر مرهقًـا للمديـن فإننـا بهـذا نكـون أمـام قـوةِ قاهـرةٍ تدعـو إلـــى انقضـــاء الالتـــزام بقـــوة القانـــون أو وقفـــه في العقـــد الأول، بينمـا نواجـه في العقـد الآخـر ظرفًـا طارئًـا يجـوز للقاضـي فيـه أن يـــرد الالتزامـــات إلـــى الحـــد المعقـــول بمـــا يـــراه مـــن تضييـــق مـــن مـــدى الالتـــزام أو زيـــادة في مقابلـــه. وبذلـــك، نعتقـــد وفقًـــا للبي ـان السـابق ب ـأن اعتب ـار وب ـاء كورون ـا المسـتجد ظرفًـا طارئ ًـا أو قـــوةً قاهـــرة إنمـــا يتوقـــف ذلـــك علـــى اعتبـــار مـــا يصـــل إليـــه قاضـي الموضـوع عنـد تمحيـص الآثـار المترتبـة علـى هـذا الوبـاء مـــن اســـتحالة أو إرهـــاق. ثانياً: التطبيقات القضائية ذهبــت المحكمــة في حكــم صــادر لهــا إلــى: "....وأن مفــاد المــادة مــن ذات القانــون الســالف أنــه في الالتزامــات العقديــة إذا 215 حدثــت قــوة قاهــرة جعلــت تنفيــذ الالتــزام مســتحيً اســتحالة فعليـــة أو قانونيـــة طـــوال الوقـــت الواجـــب التنفيـــذ فيـــه فـــإن الالتـــزام ينقضـــي بهـــذه الاســـتحالة أي أنـــه يشـــترط في القـــوة القاهـــرة التـــي ينقضـــي بهـــا الالتـــزام أن تجعـــل تنفيـــذ الالتـــزام مســـتحيً اســـتحالة مطلقـــة أمـــا إذا كانـــت هـــذه الاســـتحالة مؤقتـــة وزالـــت بعـــد حلـــول معـــاد التنفيـــذ في وقـــت يكـــون فيـــه تنفيـذ الالتـزام غيـر متعـارض مـع الغـرض الـذي مـن أجلـه وجـد الالتــزام فــإن هــذه الاســتحالة المؤقتــة لا ينقضــي بهــا الالتــزام وإنمــا يقتصــر أثرهــا علــى وقفــه إلــى أن يصبــح قابــً للتنفيــذ بـزوال هـذا الطـارئ وتسـتأنف الالتزامـات المؤجلـة سـيرها فـ يكـــون لذلـــك الطـــارئ مـــن أثـــر علـــى قيـــام العقـــد الـــذي يبقـــى شـــريعة المتعاقديـــن التـــي تحكـــم العلاقـــة بـــ أطرافـــه.." 2007/6/17 الصـــــادر في 2006 لسنــــة 334 طعن بالتمييـــز رقم وبيانًـــا للحكـــم نقـــول، أنـــه كان قـــد صـــدر علـــى إثـــر اســـتحالة تنفيـــذ المديـــن لالتزاماتـــه إبـــان الغـــزو العراقـــي الغاشـــم علـــى دولـــة الكويـــت. إذ كيّـــف القاضـــي اســـتحالة التنفيـــذ المؤقتـــة المتمثل ـة بالاحتـ ل بأنهـا قـوة قاهـرة أعاقـت تنفيـذ الالتزامـات جزئيًّـــا، أي لمـــدة محـــددة فيكـــون التنفيـــذ ممكنًـــا بعـــد زوالهـــا. وحتـى يتجلـى الفـرق بـ القـوة القاهـرة الجزئيّـة وبـ الظـروف الطارئــة نؤكــد علــى أن القــوة القاهــرة الجزئيــة يســتحيل معهــا تنفيـــذ الالتـــزام اســـتحالة كاملـــة ولكـــن لفتـــرة زمنيـــة محـــددة تنتهـي بـزوال الاسـتحالة، أمـا الظـرف الاسـتثنائي فـ يسـتحيل معــه تنفيــذ المديــن لالتزاماتــه ولكــن يرهقــه. المطلب الثاني: الوضع القانوني للعقود والقرارات الإدارية في ظل تفشي فيروس كورونا المستجد ودور ديوان المحاسبة بالرقابة عليها أولاً: الوضــــــع القــــــانوني للعقــــــود الإداريـــة في ظـــل جائحـــة كــــــــورونا وبإسـقاط مـا سـبق علـى العقـود الاداريـة نجـد أن هنـاك عقـودًا لـــم تتأثـــر نهائيـــاً بالإجـــراءات التـــي اتخذتهـــا الدولـــة لمواجهـــة الجائحـــة بســـبب نـــوع نشـــاطها، وهنـــاك نـــوع آخـــر مـــن العقـــود تأثــرت لدرجــة أن الالتــزام أصبــح تنفيــذه مســتحيلاً اســتحالة مطلقــة ممــا ينقضــي معــه العقــد فــ عجــب أن نظريــة القــوة القاهـرة هـي واجبـة التطبيـق في مثـل هـذا العقـد، مـع التفرقـة بـــ الاســـتحالة المطلقـــة والتـــي ويتحلـــل علـــى إثرهـــا أطـــراف التعاقـــد مـــن التزاماتهـــم بخـــ ف حالـــة الاســـتحالة الجزئيـــة التــي يترتــب عليهــا وقــف تنفيــذ الالتزامــات لحــ زوال ســبب الوقـــف. وهنـــاك نـــوع ثالـــث مـــن العقـــود لـــم يصبـــح تنفيـــذ الالتزامـــات فيهـــا مســـتحيلاً بـــل أصبـــح مرهقـــاً وهنـــا نجـــد لنظريـــة الظـــروف الطارئـــة مكانـــاً في التطبيـــق. أمثلة على العقود الإدارية في ظل جائحة كورونا 25 تعاقـــدت الـــوزارة (أ) مـــع الشـــركة (ب) لتوريـــد عـــدد * مـــن أجهـــزة الحاســـب الآلـــي وكان ميعـــاد تنفيـــذ العقـــد بتاريـــخ
Made with FlippingBook
RkJQdWJsaXNoZXIy Mjk0NA==